12‏/06‏/2010

ستموت قبل أن...


حول العالم

ستموت قبل أن...

فهد عامر الأحمدي
    آسف لقول هذا في أيام العيد ؛ ولكنك في الحقيقة ستموت مثل معظم قراء هذه الصحيفة قبل أن :
تصبح ثريا , وقبل أن تصبح مفتول العضلات , وقبل أن تصبح مشهورا , وقبل أن تلف العالم, وقبل أن تملك فيلا كبيرة , وقبل أن تملك فيلا كبيرة بمسبح وملعب تنس , وقبل أن تشتري مرسيدس ميرباخ , وقبل أن تمارس رياضة العدو , وقبل أن تظهر في التلفزيون , وقبل أن تتزوج الثانية , وقبل أن تترك الأولى , وقبل أن تتخلص من الكرش , وقبل أن تهجر عادة سيئة كالتدخين , وقبل أن تتحدث الانجليزية , وقبل أن تتحدث الانجليزية بطلاقة , وقبل أن تحضر نهائي كأس العالم , وقبل أن تصبح مديرا , وقبل أن تصبح نحيفا , وقبل تسافر إلى الخارج بالدرجة الأولى …
أما إن كنت امرأة فإنك في الغالب ستموتين قبل أن :
تصبحي برشاقة نجمات هوليود , وتشتري ملابسك من باريس , وقبل أن يصبح زوجك غنيا , وقبل أن يصبح خاتما في أصبعك ,وقبل أن يصبح لديك ثروة مستقلة , وقبل أن تبدلي مجوهراتك كل عام , وقبل أن ينجح الريجيم , وقبل أن تنعمي بنتائج الريجيم لأكثر من عام , وقبل أن تسكني في قصر فخم , وقبل أن تطمئني لعدم زواج زوجك من الثانية , وبدون شك ، قبل أن تملكي ماتملكه تلك الجارة !!
*** *** ***
.. فالقضية ببساطة هي أن في رأس كل منا طموحات وأمنيات يصعب تحقيقهما إما لأنهما بعيدتين عن الواقع أو لأنهما أكثر مما قدر لنا ؛ لهذا السبب سيموت معظمنا قبل أن يحقق شيئا منهما وإن حقق "شيئا" منهما ستبقى "أشياء" لا يتسع العمر لتحقيقها ..
وكلا القائمتين السابقتين تعتمد على ملاحظات شخصية أو مسوحات واقعية (مثل نسبة البدانة والتدخين والمعددين والمالكين لمنازل خاصة في السعودية)...
وفي الإجمال وبصرف النظر عن الأرقام والنسب نكتشف متأخرا أن حياتنا مجرد آمال معلقة وسلسلة أحلام مؤجلة تنتهي فقط عند بوابة المقبرة.. ورغم أن التسليم بهذه الحقيقة يشكل نوعا من "الصدمة" إلا أن مجرد الحلم بها يعد عنصرا مهما في بناء وتقدم المجتمعات (وتسألني كيف!!؟)
خذ أول عنصر مثلا (الحلم بأن تصبح ثريا) :
فمجرد سعيك مع العشرات أمثالك لتحقيق هذا الحلم يعنى انك ستعمل وتنجز وتكدح لآخر العمر وبالتالي يستمر العطاء والبناء في المجتمع ككل . فمن حسن حظ "المجتمع" أنك بعد كل هذا العناء لن تنجح في مسعاك (لأنه) لو أصبح الجميع أثرياء سيستغني "الجميع" عن الأعمال المنتجة والوظائف الخدمية ولن يحتاج مخلوق إلى3000 ريال في الشهر.. وحين يحدث شيء كهذا ستتوقف عجلة الانتاج وتختفي السلع والخدمات ولن تجد من يقدم لك خدمة من أي نوع (وحينها لن تفيدك الملايين التي تملكها لشراء شيء غير موجود أصلا) !
وبناء عليه ليس عيباً أن نحلم بالمرسيدس ولا نركبها، أو نفكر في باريس ونعجز عن زيارتها ، أو نسعى للشهرة ولانفلح في نيلها ؛ فالأحلام هي الدافع الأول للعمل والحافز الأهم للإنجاز في حين يعني تحقيقها كاملة التكاسل والركون وانعدام الحافز..
وفي الحقيقة ؛ لو قُدر لجميع البشر تحقيق أحلامهم لما أمكن على أرض الواقع تطبيق قوله تعالى (وجعلنا بعضكم لبعض سخريا)!!